
يبدو هذا منطقياً بالقياس إلى الدرجة المتدنية لانتظام الانتفاضة في قنوات وتنسيقيات ولجان. فكما أن الانتفاضة بدأت "عفوية" وأخذت وقتاً ليس بالقصير لتكوين تنظيمها الذاتي (في ظروف شديدة الصعوبة)، فقد جاءت أسماء الجمع لتعبر عن مدى العفوية التي طبعت الحراك من أوله.
الآن وبعد مضي ما يقرب 4 أشهر نرى أن تفكيراً جديّاً من نوع ما، أو تدارساً متزايداً، يجب أن يأخذ مكان اللاشعورية والحسية المباشرة التي طبعت أسلوب تسمية الجمع، وليتفرد اسم الجمعة حصرياً بالمطالب التاريخية الكبرى للشعب السوري في مرحلة ما بعد النظام الحالي.
على هذا الأساس، نقترح تسمية الجمعة المقبلة (أو التي تليها أو التي تليها...الخ) بـ"جمعة الدولة المدنية" توكيداً ليس فقط على ما تناولته (مواربة) أسماء الجمع الأولى (جمعة خاصة للنساء وثلاث تعترف بالمكونات السوري وتؤملها بمستقبل مدني)، بل كذلك على وجوب تكريس رغبة عميقة ببناء دولة مدنية ديمقراطية لا فضل فيها ولا منة لأحد على الآخر.
و"المدنية" تعني، فيما نرى، دولة اللامتياز، والتي تضمن لمواطنيها حق النفاذ الحر إلى مواردها وكياناتها جميعاً دون استثناء على أساس الدين أو الجنس أو الانتماء القومي. دولة مدنية تتجاوز تراث الانقلابات العسكرية والتسلط الحزبي من جهة، وسيطرة نزعة أمثلة الأمة السورية بجعلها نوعاً خاصاً بالمسلمين أو العرب من جهة أخرى. العسكريون والحزبيون والعرب والمسلمون... الخ جميعاً، في عرف الدولة المدنية، مواطنون لهم تماماً ما للآخرين وعليهم تماماً ما على الآخرين.
سيترتب على ما ذكر بالضرورة تغييرات هائلة ليس فقط في بنية الدولة العسكريتارية الحزبية العروبوية ذات التوجه الطائفي القائمة حالياً، بل كذلك في الوعي العام، ليس نحو إيديولوجيا "قبول الآخر" الملغومة ذات النزوع التمزيقي الثقافوي (على عكس ما يوحي اسمها)، بل نحو الاعتراف والشعور بالرضى تجاه التنوع والتغاير الذي يتمع به المجتمع السوري واعتباره، حقاً، مصدر ثراء لا يقدر.
الرحمة لأرواح الشهداء
والنصر لانتفاضة شعبنا العظيمة
No comments:
Post a Comment